محطات طير السعد (5)

المحطة الخامسة
في 7 أكتوبر، نفّذت حركة حماس هجومًا غير مسبوق على إسرائيل، حيث اخترقت الجدار الفاصل بين غزة وإسرائيل، أو ما يُعرف بـ”حزام غزة”، بعمليات من البر والجو. استُخدمت الطائرات الشراعية (بارا موتور) في الهجوم، حيث تولى شخص قيادتها بينما أطلق الآخر نيرانًا عشوائية في الهواء لتشتيت الدفاعات الإسرائيلية، في محاولة لاختراق واحدة من أقوى المنظومات الدفاعية في العالم.
الهجوم أسفر عن مقتل المئات وأسر العشرات، مما شكّل صدمة غير متوقعة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي طالما اعتُبرت حصنًا منيعًا. كان ذلك بمثابة اختراق تاريخي للمنظومة العسكرية لدولة لطالما وُصفت بأنها “لا تُقهر”، مما أدى إلى حالة ذهول داخل إسرائيل وأوساط حلفائها في الغرب.
تُعتبر إسرائيل جوهرة الغرب في قلب العالم العربي والإسلامي، وركيزة استراتيجية للولايات المتحدة والدول الغربية. لدرجة أن البعض يرى أن النفوذ الإسرائيلي في واشنطن يجعل العلاقة بينهما معكوسة، بحيث تبدو الولايات المتحدة وكأنها تابعة لإسرائيل، وليس العكس. ومع وقوع الهجوم، جاء الرد الإسرائيلي سريعًا وعنيفًا، حيث تعهدت حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة بالقضاء على حماس تمامًا.
شنت إسرائيل حربًا غير مسبوقة على غزة، مدعومة دعمًا مطلقًا من الولايات المتحدة والدول الغربية، ما أدى إلى دمار هائل وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا. في الوقت نفسه، حذّرت الولايات المتحدة وحلفاؤها من أي تدخل مباشر في الصراع، خصوصًا من إيران.
مع تصاعد التوتر، وجّهت إيران أوامر إلى حزب الله وميليشياتها في المنطقة، بما فيها الحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن، بضرورة ضبط النفس وعدم الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل. ومع ذلك، استمرت إسرائيل في استهداف قيادات حزب الله وميليشياته في سوريا ولبنان، بينما اكتفى الحزب بردود محدودة عبر قصف متقطع لم يؤدِ إلى خسائر إسرائيلية تُذكر، في محاولة لحفظ ماء الوجه.
بلغ التوتر ذروته عندما قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، مما أسفر عن مقتل قيادات في الحرس الثوري الإيراني. كان الرد الإيراني محدودًا، حيث شنت هجومًا بالصواريخ والمسيرات تحت اسم “وعد الصادق”، لكنه كان أقرب إلى استعراض عسكري، إذ لم يُحدث خسائر إسرائيلية تذكر.
لكن إسرائيل لم تتوقف عند هذا الحد، حيث اغتالت رئيس حماس في قلب طهران خلال زيارته لمراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد بزشكيان في ضربة اعتبرت إهانة للأمن الإيراني عند هذه النقطة، ردت إيران بقصف مواقع عسكرية إسرائيلية بصواريخ باليستية، مما دفع إسرائيل إلى استهداف أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، إيذانا بتصعيد خطير بين الطرفين. بعد تدمير غزة بالكامل، قررت إسرائيل فتح جبهة الشمال ضد حزب الله، حيث بدأت باغتيال قيادات الصف الأول والثاني والثالث، قبل أن تصل إلى الأمين العام حسن نصر الله وتغتاله، في تطور قلب موازين الصراع. تبع ذلك استهداف خليفته، مما أدى إلى تفكيك الهيكل القيادي لحزب الله، ليجد الحزب نفسه أمام أخطر أزمة وجودية في تاريخه.
بهذا انتقل الصراع من حرب بالوكالة إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، مع تداعيات إقليمية ودولية خطيرة.
بينما التزمت سوريا والحشد الشعبي في العراق الصمت، خرج الحوثيون عن طوع إيران، حيث أطلقوا صواريخ على إسرائيل وعطلوا الملاحة الدولية في باب المندب. وفي طهران، تعهدت القيادة الإيرانية برد “وعد الصادق الثالث”، لكن قبل أن يتحقق ذلك، وقع حدث زلزل العالم – حادثة غامضة لم تكن في صالح أيران…… حدث قد يقرب إيران أكثر نحو الهاوية.
يتبع
بقلم : مديا الأحواز mediaahwaz