مؤسسة طريق الإيمان “راه إيمان” ودورها في ترسيخ الايدلوجية الإيرانية وتفكيك الهوية الأحوازية
شهدت الأحواز خلال العقدين الماضيين تحولًا نوعيًا في وعيها الجمعي، تمثل في بروز حراك وطني واسع يرفض السياسات الإيرانية الاستعمارية، ويدعو إلى استعادة الهوية والحقوق القومية. في مواجهة هذا التصاعد، لجأ النظام الإيراني إلى أدوات متطورة ضمن ما يُعرف بالحرب الناعمة، تتجاوز القمع الأمني إلى ميادين التربية والدين والثقافة، بهدف إعادة تشكيل الوعي الأحوازي من الداخل .
“راه إيمان”: مشروع أيديولوجي بثوب ديني
من بين أبرز هذه الأدوات برز مشروع طريق الإيمان “راه إيمان” الذي أُطلق بعد عام 2005 بإشراف مباشر من المرجعية الشيعية المتمثلة في علي السيستاني. يُدار هذا المشروع عبر شبكة مؤسسات تنتشر في الأحواز، وتضم حتى الآن 11 مجمعًا تعليميًا متكاملًا، يحتوي على أكثر من 80 مدرسة بمراحلها المختلفة، إضافة إلى حوزات ومساجد وحسينيات ومراكز ثقافية ودينية .
أنشطة مُمنهجة لتغيير الانتماء
تتسم هذه المؤسسات ببرامج مكثفة تهدف إلى ترسيخ العقيدة الشيعية الإثني عشرية، وتُستخدم كقنوات لبث الأيديولوجيا السياسية الإيرانية تحت غطاء ديني. وتشمل أنشطتها تنظيم زيارات جماعية إلى العتبات المقدسة في العراق وقم ومشهد، إلى جانب الفعاليات التي تُقدَّم فيها الجوائز المالية والعينية، ما يُغري أبناء الطبقات الفقيرة، ويجعلهم أكثر عرضة للتأثير الأيديولوجي .
مبررات أيديولوجية تُخفي أبعادًا سياسية
تشير الوثائق الرسمية لـ”راه إيمان” إلى أن تصاعد الفكر التحرري في الأحواز يمثل تهديدًا مباشرًا لما تسميه “وحدة إيران العقائدية والجغرافية”. ومن هذا المنطلق، تسعى المؤسسة إلى تقويض هذا ا الوعي الوطني من خلال “برامج توعوية” تهدف في جوهرها إلى سلخ المجتمع الأحوازي عن ثقافته الأصلية وربطه بالمشروع العقائدي الإيراني .
خطورة المشروع: هندسة اجتماعية بأدوات ناعمة
إن مشروع طريق الإيمان “راه إيمان” لا يمكن النظر إليه بمعزل عن استراتيجية الهيمنة الشاملة التي تنتهجها طهران في محيطها العربي، بدءًا من العراق ولبنان إلى اليمن وسوريا. لكنه في الأحواز يأخذ طابعًا أكثر خطورة، كونه يستهدف مكونًا عرقيًا وثقافيًا كاملاً، عبر عمليات ممنهجة من “الهندسة الاجتماعية”، تسعى لإحلال هوية مذهبية مستوردة محل الهوية القومية الأحوازية .
امتداد المشروع: الأحواز وبلوشستان زاهدان
تتجاوز أنشطة “راه إيمان” حدود الأحواز الغربية، حيث تمتد نحو الساحل الشرقي للأحواز وتصل إلى مناطق بلوشستان زاهدان ذات الغالبية السنية والهوية البلوشية المتميزة. في هذه المناطق، تُستخدم ذات الأساليب من التعليم الديني والسيطرة الثقافية لنشر العقيدة الشيعية وربط هذه المناطق بالمشروع الإيراني المركزي، مما يُهدد التماسك الثقافي والديني فيها ويدفع نحو تفكيك نسيجها الاجتماعي وتذويب خصوصيتها القومية .
أبعاد استراتيجية وتأثيرات مستقبلية
تكمن الخطورة الكبرى في أن هذه المؤسسات تُعدّ “منصات تصنيع الولاء”، وتخلق أجيالًا مفصولة عن قضاياها القومية ومرتبطة عضويًا بالمشروع الإيراني. وإذا استمر هذا المسار دون مقاومة فعالة، فإن المجتمع الأحوازي – وامتداده في بلوشستان – سيكون معرضًا لتحول بنيوي في هويته، ما يُضعف مناعته الوطنية ويجعله أكثر قابلية للذوبان في الكيان الإيراني .
نحو استراتيجية مضادة: ما العمل؟
إن مواجهة هذا المشروع تستدعي استجابة تتجاوز الشعارات، وتقوم على تأسيس بنية مؤسسية بديلة تعيد الاعتبار للثقافات والهويات القومية. وتشمل هذه الاستراتيجية:
1- دعم التعليم الوطني بلغته وثقافتة
2- إطلاق منصات إعلامية مقاومة تبني الوعي.
3- تأسيس مؤسسات ثقافية وأكاديمية مستقلة تتصدى للهيمنة الناعمة.
4- خلق شراكات دولية توضح خطورة المشروع الإيراني في المحافل الحقوقية والإنسانية.
خاتمة
لا تُعد مؤسسة طريق الإيمان “راه إيمان” مجرد مبادرة دينية، بل هي رأس حربة في مشروع توسعي يستهدف الأحواز وبلوشستان وجوديًا. ومقاومتها تتطلب معركة وعي شاملة، تعي أن أخطر أشكال الاحتلال هو ذاك الذي لا يُرى، بل يُزرَع في العقول والقلوب .
المصدر : حساب mojahwaz عبر منصة الانستغرام