النضال الأحوازي بين الإخفاقات والتحديات

بعد عقود من النشاط والنضال الأحوازي، ترى الطبقة الأحوازية المتثاقفة أن القضية تفتقر إلى خطاب سياسي يعبر عن واقع الشعب الأحوازي، يلبي طموحاته، ويطمئن اللاعبين والمؤثرين الدوليين والإقليميين. وعلى الرغم من أنها تتصدر مسيرة الشعب الأحوازي ووجودها الدائم في صميم الحراك الأحوازي، إلا أنها تلقي باللائمة على غيرها، تنتقد الآخرين، وتحملهم مسؤولية الفشل .
هذه الطبقة المتثاقفة لقد أزعجت الشعب الأحوازي بالدوران في حلقة مفرغة وبأسلوبها المتطفل، وتجاهلت مسؤولياتها ولم تحاسب نفسها ولو مرة واحدة عما فعلته طيلة العقود الماضية. ولم تسأل نفسها لماذا لم تنجح في تسويق خطابها “الواقعي”، ولم تستطع إقناع حتى عدد بسيط من الشارع الأحوازي، ولو بعدد أصابع اليد الواحدة !
إن الفشل السياسي الأحوازي لا تتحمله مجموعة أو جهة بمفردها دون غيرها، بل هو مسؤولية كل الجهات المشاركة في النشاط السياسي والثقافي، بمختلف مشاربها وتوجهاتها. ومع ذلك، يقع الجزء الأكبر من هذا الفشل على عاتق من يتهم النضال الأحوازي بالتطرف والصدامية والوهابية، في تناغم وتماش مع الخطاب العنصري الإيراني .
هؤلاء هم مجموعة من المتثاقفين وأصحاب المواقف المتذبذبة وأذناب للفرس. لقد أمضوا عقودًا من الزمن يتصدرون الحراك الأحوازي ويدّعون تمثيله في كثير من الأحيان، لكنهم فشلوا في إقناع الشارع الأحوازي بما يدّعون، وفشلوا في كسب المعارضة الإيرانية، وفشلوا كذلك في تعاملهم وعلاقاتهم مع النظام الإيراني. فكيف للشعب الأحوازي أن يقتنع بكلامهم هذه المرة، ويتبعهم، ويسير خلفهم؟
التاريخ يؤكد فشل هذه الطبقة عندما سنحت لها الفرصة وتعاملت مع التيار “الإصلاحي” خلال فترة الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي (1997م – 2005م). لم تحقق هذه الطبقة أي وعد من وعودها للشعب، سوى مكاسب آنية تبخرت بجرة قلم. ورغم أنها منذ عقود تتواصل مع نخب الفرس وأحزابهم، فإنها لم تستطع الحصول على أي اعتراف مكتوب من هؤلاء الفرس، سواء كانوا مؤيدي النظام الإيراني أو من معارضيه .
تعاني القضية الأحوازية اليوم من غياب استراتيجية واضحة تحدد أولوياتها وأهدافها، وتجمع الجهود والتضحيات. كما أنها بحاجة إلى التركيز على القضايا والأهداف بعيدة المدى، مع الأخذ بعين الاعتبار القضايا الآنية .
هذا يستوجب على الفاعلين الأحوازيين، بما فيهم المتأيرنون، أن يبتعدوا عن لغة التخوين والإقصاء، كما فعلوا سابقًا عندما استهدفوا قيادة حركة النضال العربي لتحرير الأحواز واتهموها بالعمالة لإيران! ويجب أن يكفوا عن التركيز على نقاط الضعف واستخدامها لنشر الوهن والإحباط بين أبناء الشعب الأحوازي. بدلا من ذلك، ينبغي عليهم أن يصيغوا رؤيتهم بوضوح ودون لبس أو غموض، رؤية شاملة وجامعة تبتعد عن التشتيت والتفريق. وبعدها، لنرَ إن كانوا يستطيعون إقناع الشارع الأحوازي أم أنهم سيفشلون حتى في إقناع عوائلهم.
إبراهيم مهدي الفاخر