مقالات

200 توقيع على اعتراف استعماري صريح

في واحدة من أوقح صور الاعتراف الجماعي بالتمييز والتواطؤ، أصدر 200 من مثقفي السلطة في إيران بيانًا سياسيًا غارقًا في النفاق والخوف، هاجموا فيه ما وصفوه بـ”التهديد القومي” المتمثل في تعيين أول محافظ عربي في الأحواز، ووصفوا مطالب الشعوب غير الفارسية بالفيدرالية والعدالة الثقافية و أيضا التظاهر الثقافي خاصة احتفالات عيد الفطر و قرقيعان في الأحواز بأنها انحراف وخطر على “الوحدة الوطنية”.

لكن هذا البيان – بقدر ما هو محاولة تهديد ناعمة – إلا أنه يُعد اعترافًا تاريخيًا لا لبس فيه، يوثّق بالاسم والهوية موقف هذه النخبة الفارسية من قضايا المساواة والحقوق والعدالة. وهو ليس مجرّد رأي سياسي، بل وثيقة اعتراف جماعي بالمشاركة الفعلية في قمع الشعوب غير الفارسية، وعلى رأسها الشعب العربي في الأحواز.

لقد خرج مسعود بزشكيان من الصندوق، لكن ليس صندوق الإرادة الشعبية، بل صندوق الأمن القومي الإيراني. اختير بعناية فائقة، كحلّ ترقيعي مؤقت لتهدئة الغضب المتراكم في نفوس الشعوب غير الفارسية، وفقًا لتحليلات أمنية داخلية أكدت أن تجاهل مطالب الشعوب المهمّشة سيدفع إلى انفجار اجتماعي وشيك.

النظام، بقيادة خامنئي، احتاج إلى وجه غير متورط مباشرة في العسكرة والقمع، يحمل لهجة ناعمة، و”مظلومية تركية” مزيفة، فعيّن بزشكيان ليؤدي دور “الإطفائي السياسي”. ومع أول بادرة نحو تمثيل رمزي – لا جوهري – عبر تعيين محافظ عربي في أرض عربية، انتفضت نخب المركز الفارسي، مذعورة من أي تغيير ولو كان شكليًا.

الموقعون الـ200، الذين يزعمون الدفاع عن “وحدة إيران”، في الحقيقة وقّعوا على بقاءهم ضمن منظومة استعلائية، عنصرية، مركزية، جعلت من ثقافتهم معيارًا وحيدًا للوطنية، ومن لغتهم مقياسًا للشرعية، ومن غيرهم مجرد “قوميات ضالة”.

هم لا يمثّلون ضميرًا وطنيًا كما يزعمون، بل امتدادًا رثًا لعقلية التيار الملكي الأحمق الذي انهار في 1979، لكن ظلّت فاشيته الثقافية حيّة في عقلهم حتى اليوم. هؤلاء ليسوا نخبة فكرية، بل أدوات تزيين لواجهة الدولة العنصرية.

وقعوا على البيان بدافع الخوف، وفضحوا أنفسهم بأنفسهم. وقعوا وهم يظنون أنهم يصنعون بيانًا نخبويًا أنيقًا، لكنهم في الحقيقة وقّعوا على وثيقة إدانتهم أمام التاريخ، وأمام كل محكمة شعبية قادمة.

حين يكتب من يفترض أنهم “أكاديميون ومثقفون” رسالة بهذه الدرجة من الإنكار والتشويه، فاعلم أن الهوية الفارسية الرسمية تعيش أزمة شرعية خانقة. رسالتكم كانت أشبه بمحاولة يائسة لتثبيت امتيازاتكم، لا لحماية الوطن. وبدل أن تخفوا فشلكم، فضحتوه.

لا فائدة من حديثكم عن “الوحدة الوطنية”، وأنتم تنكرون اللغات، وتحقّرون الهويات، وتحاربون أي تمثيل غير فارسي.

إلى هؤلاء العنصريين الجبناء:

لقد كتبتم، ووقّعتم، واعترفتم.
اعترفتم بأنكم تخشون صوت العربي حين يقرر.
اعترفتم بأنكم أدوات قمع ثقافي ولغوي.
اعترفتم بأنكم المستفيدون من مشاريع التهجير، والتجفيف، والتجهيل.

وإن غدًا قريب، ستُعرض رسالتكم في ساحات الأحواز، لا كوثيقة رأي، بل كسند قضائي يدين 200 عنصريّ ارتضوا أن يكونوا شهود زور على آلام هذا الشعب.

شعبنا العربي في الأحواز لن يغفر. لن ينسى. ولن يخضع.

بقلم :  ميديا الأحواز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى